logo
May 17-19, 2022

منتدى فلسطين للنشاط الرقمي 2022

التضامن الرقمي من أجل العدالة

ثيمة منتدى فلسطين للنشاط الرقمي 2022

في عصر الانترنت والتطور التكنولوجي، باتت التقنيات الرقمية تؤثر بشكل كبير في المجتمع والعلاقات الاجتماعية، فقد تجعلنا هذه الأدوات والتقنيات الرقمية أكثر ارتباطا، وقد تجعلنا أكثر عزلة في ذات الوقت. ولكن من الملاحظ أن العلاقات التي فتحها الانترنت، والتي بالرغم من كل الملاحظات حولها، إلا أنها جعلت وحدة الشعور أو اتفاق الشعور، بين الأفراد والمجتمعات ذوي القضايا المشتركة أو ذوي الهموم المشتركة، ممكنة بشكل أكبر مما سبق.

 

بالرغم من الاعتقادات بأن الإنترنت قد خلق مجتمعات متمركزة حول الذات والهموم الفردية بشكل أكبر من التمركز حول الهموم الجماعية، وكل التساؤلات حول أهمية ومدى صلاحية زر الإعجاب و/أو التعليق و/أو المشاركة و/أو إعادة التغريد و/أو التوقيع على عريضة رقمية أو غيرها من الأفعال الرقمية، إلا أننا لا يمكننا إنكار أنها خلقت شعور بالقرب من الآخرين وتقليص الوحدة في هذا الفضاء الرقمية وزيادة الدعم المتبادل بين المجموعات والأفراد بما يخدم قضاياهم.

 

خلال السنتين الماضيتين، خلقت الجائحة وما تبعها من الحجر ومنع التنقل وقيود الحركة المفروضة شعورا بالعزلة للكثير من المجتمعات في العالم، خصوصا المقموعة منها، ولكن ساعد الفضاء الرقمي على خلق الأنس ما ساهم في تقليل هذه العزلة، كما ساعد الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، خلال العقد الماضي عموما وخلال السنتين الأخيرتين على وجه الأخص، على تنظيم احتجاجات سياسية وحقوقية عابرة للزمان والمكان في ظل فرض قيود منع الحركة، مما خلق شعورا أعمق بالانتماء على المستوى المحلي أو الوطني أو العالمي، وشعورا بالقرب من الجماعة والانتماء لهم ما أخرجنا عن فردانيتنا وقرّبنا من الهم الجمعي بشكل أكبر وأعمق.

 

أما في فلسطين، وتحديد خلال سنة 2021، فقد شهد الفضاء الرقمي حالة تضامن رقمية عالمية واسعة كانت قد بدأت منذ الهبة الشعبية في شهر أبريل/ نيسان، والتي تزامنت مع تصعيد هجمات سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين/ات المقدسيين/ات في محاولة لتهجريهم قسرا من منازلهم في حي الشيخ جراح وسلوان وغيرها من الأحياء المقدسية، وانتقل بعدها إلى قطاع غزة في عدوان استمر حوالي أسبوعين، واستمرت حالة التضامن الرقمي هذه حتى مرحلة متأخرة من العام.

تنوعت أشكال التضامن الرقمي بين الأفعال الرقمية كالعرائض وحملات التغريد والتجمع والتنظيم والحشد الرقمي لتضخيم الأصوات الفلسطينية وإعلائها وإعطائها أولوية الحديث حول ما يجري على أرض الواقع، وبين إعادة نشر المحتوى الذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان وخلق محتوى رقمي حقوقي توعوي جديد يسلط الضوء على قضايا حقوق الإنسان في فلسطين ضمن السياقات المحلية والإقليمية، وقد أثرت هذه الحالة على إعادة مركز القضية الفلسطينية في العالم، وعلى إعادة تناول الأخبار والقصص الإخبارية الفلسطينية بطريقة مختلفة وبشكل جديد لم نشهده من قبل.

 

امتد هذا التضامن والنشاط الرقمي مع النشاط الفعلي للنشطاء والمدافعين/ات حقوق الإنسان الفلسطينيين/ات الذي تصدروا الشوارع مطالبة بالعدالة للناشط السياسي نزار بنات، الذي قتل على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية. ولاحقا خلال الهجوم على المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان الفلسطينيين/ات الذين وقعوا ضحايا تقنيات المراقبة الإسرائيلية.

 

بالرغم من احتفائنا بالتضامن الرقمي وشعورنا الداخلي بأهميته في إعادة مركزة قضيتنا، إلا أننا نعي بشكل كبير كل ما تخلل هذا التضامن الرقمي التي شهدناه كفلسطينيين/ات خلال السنة الأخيرة من غياب للعدالة الرقمية، والقمع الرقمي والانحياز الرقمي الواضح في بعض الأحيان لبعض المجموعات على حساب الأخرى، مثل قمع الخوارزميات وانحياز بعض شركات التواصل الاجتماعي لرواية السلطات والحكومات القوية على حساب السكان الأصليين، بالإضافة إلى ذلك فإننا نعي جيدا تنوع أشكال وأساليب القمع الرقمي وتحايل السلطات والأنظمة للتشويش على المتضامنين/ات في مختلف أنحاء العالم، وزيادة استخدام وتسخير تقنيات المراقبة للتضييق على نشطاء حقوق الإنسان في العالم الجنوبي عموما وفي فلسطين خاصة، الأمر الذي دفعنا في حملة– المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي لاتخاذ ثيمة التضامن الرقمي من أجل العدالة للنسخة السادسة من منتدى فلسطين للنشاط الرقمي، والمزمع عقده في شهر أيار/ مايو 2022.

 

سنجتمع للعام السادس على التوالي في منتدى فلسطين للنشاط الرقمي 2022، في محاولة للم شمل الفلسطينيين/ات والمناصرين للقضية الفلسطينية والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والعاملين في المجتمع المدني وشركات التواصل الاجتماعي والحكومات، لدراسة وفهم ومناقشة الجوانب المختلفة للتضامن الرقمي والعدالة الرقمية في السياقات المختلفة، واضعين الحقوق الرقمية الفلسطينية كأولوية في سياقات إقليمية وعالمية في محاولة للتجسير بين المؤسسات، والحراكات الاجتماعية، والمجموعات الحقوقية والأفراد الناشطين/ات في هذا المجال للوقوف على أهم سياسات الحقوق الرقمية التي تواجهنا لطرح تجاربنا وتبادل خبراتنا وبناء قدراتنا في هذا المجال، وتنسيق جهود العمل على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية من أجل الوصول إلى فضاء رقمي آمن، وعادل وحر.